الاسم: nasriss الصفة: استاد ومنشط تربوي مسجل يوم: 2010-06-04 مجموع النقط: 268.51 |
نعم لحقوق المرأة .. ولكن ما هي حقوقها ؟ |
|
نعم لحقوق المرأة.. ولكن أولاً ما هي؟!أطرح التساؤل بعد أن قرأت ملحقاً خاصاً أصدرته مجلة «الاكونومست» اللندنية الأسبوع الماضي عن المرأة العربية فأدركت مرة أخرى أن المنهاج الغربي للاقتراب من قضية المرأة في العالم العربي والإسلامي باقٍ على حاله وكأنه غير قابل للنقاش. فمنظومة القيم الغربية هي المعيار الأوحد لحقوق المرأة أينما كانت وإلى أي حضارة تنتمي. وهكذا يقع الغرب ـ قصداً أو عن غير قصد ـ في خطيئة الإساءة إلى قيم ومبادئ حضارات أخرى والعقيدة الدينية التي تحكم هذه القيم والمبادئ. أولى الانتقادات الغربية الموجهة إلى وضع المرأة في مجتمعات العالم الإسلامي تتصل بمسألة الاختلاط بين الرجال والنساء في الأماكن والمنتديات العامة. ومعلوم أنه بموجب القاعدة العامة في الشرع الإسلامي فإن الاختلاط بين الجنسين ليس مباحاً بصورة مطلقة بل هو خاضع لأحكام محددة. وللمجتمعات الغربية الإباحية الحق أن ترى في الاختلاط المطلق قيمة اجتماعية لا مساومة عليها. لكن بأي حق ـ حتى بمعايير الحرية الشخصية نفسها في الغرب ـ تجهد الحكومات والمنظمات الغربية لفرض هذه الرؤية على مجتمعات أخرى تختلف معها حضارياً ودينياً؟ وبأي حق تفرض هذه الرؤية وكأنها معيار عالمي أوحد لتصنيف مدى تقدم أو تأخر هذا المجتمع أو ذاك؟ إن مثل هذا التعسف هو الذي يؤدي إلى حالة سوء فهم بين الغربيين والمسلمين ويتحول بمرور الزمن إلى صدامات حضارية. فحينما تسن بعض الحكومات الغربية قوانين تحظر على النساء المسلمات ارتداء الحجاب الإسلامي في المجتمع الغربي فإن جماعات حقوق الإنسان الغربية تذهب أبعد من ذلك فتمارس ضغوطاً معنوية من أجل حظر الحجاب حتى في المجتمعات الإسلامية. وهذه الجماعات لا تكف عن انتقاد أحكام الطلاق المنصوص عليها في الشرع الإسلامي.. وهو انتقاد مصحوب عادة بما يشبه تحريض النساء المسلمات على التمرد ضد مبادئ عقيدتهن الدينية،. وإذا كانت جماعات حقوق الإنسان الغربية ترى في أحكام الطلاق الإسلامية سبباً لانتقادها فإنها في نظر المسلمين والمسلمات أمر إلهي واجب الطاعة من حيث انه ينطوي على حكمة ربانية قد ندركها وقد لا ندركها. وهي على كل حال أحكام مفصلة لكل الحالات إذا أخذت كحزمة واحدة. هذه الحزمة الموحدة تشمل أيضاً الحكمة من وراء أحكام الميراث. وعندما ينتقد الغربيون النصوص الخاصة بكيفية توزيع الميراث بين الرجال والنساء فإنهم يتعمدون عزل هذه النصوص عن نصوص أخرى مكملة تتعلق بأحكام الزواج والإنفاق. والسؤال الذي يطرح في هذا السياق هو: هل تجهل منظمات حقوق الإنسان الغربية القيم الإنسانية المبنية على المبادئ والأحكام التي جاء بها الإسلام؟ هل تجهل ما ينطوي عليه القرآن الكريم والحديث الشريف من أوامر ونواهٍ.. وحلال وحرام؟ أشك في أن المنظمات الغربية وحكوماتها تجهل المباديء والأحكام الاسلامية عندما تتصدى لحقوق المرأة في العالم الاسلامي.وحتى لو جهلت فإنها لا تملك عذراً وجيهاً لأن لديها معاهد ومراكز الأبحاث المتخصصة في الحضارات العالمية ـ ومن بينها الحضارة الاسلامية ـ ما يشكل مرجعية جاهزة وفي متناول اليد. أغلب الظن ان هناك قصداً صادراً عن سوء نية. وإذا كان الهدف هو منع تبلور كتلة سياسية للأمة العربية ذات حضور يحسب له حسابه في الساحة الدولية فإن الخطوة الرئيسية في اتجاه هذا الهدف الكبير هو تمزيق نسيج المجتمعات الإسلامية عن طريق إشاعة الإباحية في تلك المجتمعات. إذن فإن المطلوب هو فصم المجتمعات الاسلامية عن مرجعيتها الإسلامية ومنظومة القيم المنبثقة عن هذه المرجعية. إننا لا نقول ان العالم الإسلامي يمتلك حالياً قوة حضارية، لكننا من ناحية أخرى لا نقول انه في حال انهيار كامل، فهناك حد أدنى من التماسك الاجتماعي في المجتمعات الإسلامية.ويدرك الغرب أنه لولا بقاء هذه المجتمعات ملتزمة بالأحكام والقيم الإسلامية في حياة الأفراد والأسر والجماعات لما كان هذا الحد الأدنى من التماسك |