الرِّفْق بالحيوان - كما نفهمه مِن شريعتنا - يعني توفيرَ حاجتها مِن الطعام والشراب، ومكان ملائم يؤويها ويقيها الحرَّ والبَرد، وعدم إجهادها أو تحميلها فوقَ طاقتها، ومداواتها إنْ مرِضت، وأن نحسن ذبْحَها إنْ كانت من تلك التي سخَّرها الله وذلَّلها لنا لخِدمتنا وأكْلنا، أما الحيوانات الأُخرى السائبة التي تَعيش في محيطنا وسِواها مِن الحيوانات البريَّة، فقد نهانا دِينُنا عن حبسها أو أذيتها؛ لتظلَّ قادرةً على الاعتناء بنفسها مِن جلب لأقواتها وتكاثرها.
ألاَ يُعد كل ذلك قانونًا متكاملاً مِن الخالق لحقوقِ الحيوان لرحمته والرفق به، بُني على أساس متين مِن الثواب والعقاب، وتنظيمًا شاملاً لعلاقة الإنسان بالحيوان يتفوَّق على كلِّ القوانين التي صاغَها الآخرون وجمعيات حقوق الحيوان التي نُعيَّر بها بين حين وآخَر؟!
لسْنا بحاجة - لكي نُبرهِن على رِفقنا بالحيوان - أن نقلِّد ما عند الغير، بأنْ نجعل بعضًا من هذه الحيوانات كالكلاب والقطط وغيرها تستوطن بيوتنا وتعيش معنا كأفراد مِن العائلة، وتنام على أرائكنا، وتعْبث بكلِّ شيء في منازلنا، وقد تجالسنا على موائدِ الطعام ..
إسلامُنا يحرم علينا أن نعذِّب الحيوانات ليجنَّ جنونها وتهيج لفرط ألَمها كما يفعلون في مصارعةِ الثيران الإسبانية، حالهم بذلك لا يختلف كثيرًا عن بعضِ الصيَّادين في أدْغال إفريقيا الذين يقتلون طرائدَهم بوحشية بالِغة، فيقومون أحيانًا بنزع قرون بعض الحيوانات وأنيابها الثمينة، وهي حيَّة .
أليس في طُرقهم هذه في التعامُل مع الحيوانات التدليل المفرِط لبعضها، أو الاستمتاع بتعذيب وقتْل البعضِ الآخَر تناقضٌ عجيبٌ لا يفسِّره سوى منطق التسلية .
المسلم الحق ليس بحاجةٍ لقانون وضْعي ليردعَه عن مِثل هذا الظلم الفاحِش بحقِّ هذه الكائنات المسكينة المغلوبة على أمرِها، فالحمد لله على نِعمة الدِّين.
مِن المفيد ان نذكِّر اللاهثين خلْف الغرب والشرق بصراعاتهم بأنَّ آخر ما ورَد إلينا منها عبْرَ وسائل الإعلام: إقدام رجل أسترالي على إعلان الزواج بكلبتِه وإقامتِه حفلاً خاصًّا دعا إليه لفيفًا من الأهل والأصدقاء، فتحت أيِّ بند مِن الرفق بالحيوان يُمكن تصنيفُ هذا العمل؟ أيّ رِفق هذا الذي فيه تَعدٍّ على فِطرة العيش السليم للإنسان والحيوان على حدٍّ سواء.
ربما لو أنَّ هذه الكلبةَ امتلكت بعضَ ما للبشر مِن إدراك ونطقتْ لرفضتْ هذا العريس، وطالبت باستبدال كلب مِن بني جنسها به، أو اختارتْ أن تظلَّ أرملةً ما بقِي من عمرها!