إعجاز الله في هذا التوازن البديع , حينما يحدث الخلل الكبير عندما تترجح كفة طرف على حساب طرف أخر , فحينها تحدث الكوارث وتنقلب الموازين ويفسد الأمر كله وتنحرف الفطرة .
تأمل معي بعين بصيرتك إلى الكون بأسره بكل ما فيه , ستجد أن حقيقة الاعتدال والتوازن هي أساس كل شيء قائم , انظر مثلاً إلى الطبيعة الكل يحتاج فيها إلى الماء الذي لا تقوم الحياة إلا به والماء نعمة في حالة الاعتدال فإن طغى الماء وغمر الأرض تحول إلى النقيض تماما فاهلك ودمر وافسد لأنه خرج عن مسار الاعتدال إلى كفة العذاب والإهلاك , وبالتالي فالميزان هو أن يحفظ الله الماء على أصل ألفطره بأن يكون سببا للحياة لا سببا في الهلاك .
الرياح تحمل اللقاح. وتتسبب في نزول الغيث. وفي سكون حر الصيف فإن طغت تحولت إلى عواصف وأعاصير تهلك كل شيء بأمر ربها , و جريان الكواكب وتعاقب الليل والنهار حركة ديناميكية غاية في الإتقان والدقة فإن حدث طغيان او خلل في هذا التوازن حدث الكسوف والخسوف وما يصاحبها من اختلال .
كما يظهر التوازن في الخلق. في عالم النبات. في ذلك التناسق الرائع. حين يقدم لنا النبات الأكسجين نقيا ويأخذ ثاني أكسيد الكربون الذي يخرجه الإنسان بطريقه عكسية .مع النبات يحدث الاتزان بصورة بديعة وصدق الله حين قال (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ) النبات والجبال الرواسي هي المقصودة بقوله تعالى ( موزون ) فانظر إلى النبات وبديع خلق الله تعالى في توازن الخلق فيه , فحيناً ترى الثمر المُر أوالحامض هو ثمرة الشتاء ليحدث التوازن في جسم الإنسان الذي يحتاج لهذا النوع من الثمار في الشتاء , وكذلك الصيف ثماره كثير ماؤها كالبطيخ وغيره ليقوم الاتزان بينها وبين فقد الإنسان للماء بكميات كبيرة في الصيف وهذه احد المعاني العظيمة لقوله تعالى ( موزون ) .
وحقيقة الاتزان في الخلق تظهر جلية واضحة في بديع خلق الله للإنسان والتركيب العجيب والمتناسق في مكوناته الدقيقة , لذلك دعانا الله تعالى للنظر في هذا الجسم وكيف خلقه الله فقال ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ..) لتجد أن التوازن والاعتدال قائم في كل نواحي الحياة فسبحان الخالق المبدع جل في علاه .