استراتيجية الدعم
مدخل:
تعتبر ديداكتيكية الدعم البيداغوجي واحدة من أهم الديداكتيكيات المستحدثة في العملية التعليمية التعلمية، ضمن المنهاج الدراسي، والتي كانت نتيجة مراجعة هذه العملية. وتتجلى فيما يلي:
1. ديداكتيكية الأهداف البيداغوجية التي أدت إلى تنظيم العمل ومنهجته. وذلك بتحديدها لمستويات الأهداف وصنافاتها والوقوف عند الأهداف السلوكية بشكل دقيق قابل للقياس والملاحظة.
2. ديداكتيكية التقويم البيداغوجي التي فتحت أمام المدرسين مجالا جديدا للتقويم، يمكن بفضله إتباع أساليب وتقنيات، تكشف عن النتائج المراد الوصول إليها بشكل سليم.
3. وأخيرا ديداكتيكية الدعم البيداغوجي التي ترتكز بالأساس على الفوارق الفردية التي من اللازم مراعاتها بشكل حقيقي في الممارسة التعليمية التعلمية، بهدف إزالة الهوة بين الضعيف والقوي داخل الفصل.
i- معنى الدعم البيداغوجية:
منذ المنطلق، يجب التمييز بين الدعم البيداغوجي والبيداغوجية التعويضية (دروس التقوية). ذلك أن البيداغوجية التعويضية تعني دعما وتقوية منطلقين من المدرسة ليصلا إلى خارج المدرسة (البيت مثلا). وتهدف البيداغوجية التعويضية إلى تعويض أطفال الفئات الاجتماعية الدنيا، لما يشعرون به من حرمان ونقص وفوارق، ترجع بالأساس إلى انتماءاتهم الأسرية، وطمس الفوارق الموجودة بين قيم أسرهم وقيم المدرسة.
أما ديداكتيكية الدعم البيداغوجي، تتحدد بالأساس، , في كونها مجموعة من الوسائل والتقنيات البيداغوجية التي تتبع داخل الفصل أو خارجه، في شكل أنشطة وممارسات، بهدف تلافي ما قد يعترض المتعلمين من صعوبات معرفية على الخصوص، تحول دون إبراز القدرات الحقيقية والإمكانات الفعلية للمتعلمين.
وتهدف هذه الديداكتيكية إلى خلق نوع من التجانس داخل عناصر الفصل، وتجاوز كل أشكال التعثر والتأخر التي تعرقل سير عملية التعليم الطبيعي لدى المتعلم. وذلك بإعطائه فرصا لتدارك مجالات ضعفه. وكل ذلك من أجل إبعاد هذا المتعلم عن الرسوب والتخلف الدراسي.
ii- أنواع الدعم:
تختلف أنواع الدعم باختلاف الأهداف المراد تحقيقها. ومن أهم صور الدعم:
1. الدعم النظامي والدعم التكميلي:
1. 1. الدعم النظامي: يتم داخل المدرسة، وتشارك فيه الأطراف المعنية من مدرسين ومؤطرين واختصاصيين في التوجيه وعلم النفس المدرسي.
2. 1. الدعم التكميلي: وهو ما تساهم فيه القطاعات الموازية، كالتعاون المدرسي والجمعيات (جمعية الآباء مثلا)، والإعلام المدرسي.
2. الدعم الداخلي والدعم الخارجي:
1. 2. الدعم الداخلي: هو ما يمكن أن يقدم من أنشطة داعمة داخل الفصل، في مختلف الوحدات التعليمية وفق خطة مبرمجة بشكل دقيق. وذلك ما يمكن أن يقدم من أنشطة داعمة خلال الدرس، وبين فقراته أو عند نهاية مجموعة من المراحل.
2. 2. الدعم الخارجي: هو ما يمكن أن يقدم من أنشطة وممارسات خارج الفصل كأنشطة تكميلية ذات صلة بمحتوى الدرس أو من وحدات أخرى، في شكل دروس خاصة وأنشطة التقوية.
3. الدعم الفوري والدعم المرحلي:
1. 3. الدعم الفوري المستمر: يقوم هذا الدعم على تتبع العمليات والأنشطة التي يتضمنها الدرس، وتعيين الثغرات والتعثرات التي تعترض المتعلمين خلال تطبيقها فورا، لدعمها بشكل صريح ومباشر، وأحيانا بشكل ضمني، يتمثل عادة في مجموع الأنشطة التي يلجأ إليها المدرس بشكل آلي، كالإعادة والتكرار والتوضيح والتشخيص والتصحيح...
2. 3. الدعم المرحلي: يتم عادة بعد تراكم عدد من المعارف والخبرات. أي بعد تقديم سلسلة من الدروس في مرحلة دراسية معينة. وهذا النوع من الدعم، يستلزم تخطيطا محكما، يساعد على انتقاء عناصر برنامج تدعيمي وظيفي، يخدم، أولا، الحالات المتعثرة، وهي المستهدفة، ثم يعمق، ثانيا، فعاليات الآخرين ويطور وينمي فهمهم.
iii- عمليات الدعم:
هناك مراحل يستند إليها الدعم في أنواعه المختلفة:
1. تشخيص المظاهر والسلوكات التي سيخضع لها الدعم على أساس أن يكون هذا التشخيص كاملا وشاملا لجميع مستويات الشخصية؛ المعرفي والوجداني والسلوكي (الحس حركي). ويعتمد التشخيص هنا على الملاحظة المستمرة، وهي الأساس في التعليم الأساسي، وكذلك التقويم بمختلف أنواعه.
2. حصر المظاهر السلوكية التي تدعو إلى إدخال أساليب الدعم، وذلك برصد مظاهر القصور والتعثر والنفور، كصعوبة الفهم وانعدام الدافعية وعدم القدرة على التركيز والانتباه...
3. تقرر طرائق الدعم وفق الأسباب التي نتج عنها التعثر، بناء على الإمكانات المتوفرة.
iv- إجراءات عملية للدعم:
يصعب وضع استراتيجية لتجاوز مختلف الثغرات. ولكن يجدر بنا ذكر بعض الإجراءات العملية الكفيلة برفع مستوى الدعم، وهي:
1. العمل على تجاوز التلقين واللفظية، واعتماد تقنيات التنشيط.
2. تكييف مراحل ومحتويات الدرس لمستويات الفصل.
3. تجاوز المواقف الوجدانية السلبية.
4. خلق مواقف تعليمية وتذليل الصعوبات أمام المتعلمين المتعثرين في مواقف معينة.
استنتاج عام:
إن ديداكتيكية الدعم البيداغوجي عملية لازمة لتصحيح كل تعثر دراسي أبرزته ديداكتيكية التقويم، على الأقل في شكليه التكويني والإجمالي. ومن هنا يجب التأكد على أنه لا دعم بدون تقويم، فنوع الدعم وبناؤه وأساليبه، كلها عمليات تختلف حسب الوضع الذي يقدمه التقويم البيداغوجي. فالدعم بهذا المعنى، يجد موضوعه في تصحيح نتائج عملية التعثر الدراسي، باعتبار عوامل متباينة لهذا التعثر، تتراوح بين الذاتي المرتبط بالشخصية، والسوسيو/ثقافي والديداكتيكي. وتبعا لهذه العوامل واختلافاتها، تتحدد هوية الدعم البيداغوجي.
فالدعم البيداغوجي ليس عبارة عن مراجعة للدروس، وإنما هو بناء نسقي وخطة محكمة لتصحيح المسار الديداكتيكي البيداغوجي الذي اعتراه التعثر، فحال دون تحقيق أهدافه. إلا أنه ليس لصيقا بالمدرس، كما يعتقد البعض، وإنما هو إجراء يساهم فيه كل الشركاء، وخاصة المتعلم المتعثر، وجماعة الفصل، إضافة إلى إسهامات الفعاليات الأخرى كالآباء وخبراء التربية وغيرهم.
وتبعا لهذا، يكون الدعم البيداغوجي درسا متكامل العناصر والمكونات، كأي درس آخر، متضمنا لكل مكونات العملية التعليمية التعلمية والعمليات الديداكتيكية، من أهداف ومحتويات وطرائق وأنشطة ووسائل وتقويم.
فبعد إجراء الدعم، لا يمكن أن نعتقد أن التعثر قد زال، وإنما لا بد من تقويم هذا الدعم وحساب معدل التطور في تجاوز التعثر الدراسي، وإلا فإن الدعم هو نفسه متعثر، يجب إعادته في أشكال أخرى.