رسالة إلى المدرسات والمدرسين بمناسبة اليوم العالمي للمدرس | |
يحتفل العالم سنويا، في اليوم الخامس من شهر أكتوبر من كل سنة ب"اليوم العالمي للمدرس"، وهي لحظة احتفاء بجهود المدرسين والمدرسات في تعليم الناشئة، يستحضر فيها العالم أجمع، التضحيات الكبيرة التي تبذلها هذه الشريحة في تعليم وتربية الأطفال، وفي البناء الفكري والروحي، بحكم الأولية التي تحتلها قضايا التربية والتكوين في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلدان. إن المملكة المغربية بدورها، عبر تاريخها العريق، ما فتئت تولي اهتماما استثنائيا لقضايا التربية والتكوين، ولا أدل على ذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الخطاب الملكي الأخير، بمناسبة تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب، في عشرين غشت 2012، حيث دعا فيه جلالة الملك إلى التفكير في تعميق إصلاح المنظومة التربوية والتعليمية ببلادنا، من خلال الانتقال من منطق تربوي يرتكز على المدرس وأدائه إلى منطق آخر يقوم على تفاعل هؤلاء المتعلمين وتنمية قدراتهم الذاتية وإتاحة الفرصة أمامهم في الإبداع والابتكار، فضلا عن تمكينهم من اكتساب المهارات والتشبع بقواعد التعايش مع الآخرين في التزام بقيم الحرية والمساواة واحترام التنوع والاختلاف. بالإضافة إلى تأكيده على جعل المدرسة فضاء يتجاوز المنطق القائم أساسا على شحن الذاكرة ومراكمة المعارف إلى منطق يتوخى صقل الحس النقدي وتفعيل الذكاء للانخراط في مجتمع المعرفة والتواصل. إن الاحتفال بهذا اليوم، يشكل مناسبة للتذكير بالمسؤوليات الملقاة على عاتق هيئة نساء ورجال التعليم في رفع هذه التحديات المطروحة على منظومتنا التربوية، وإن النهوض بالمدرسة المغربية وناشئة بلادنا لا يمكن تحقيقه بدونكم، كفاعلين أساسيين في العملية التربوية التكوينية بالدرجة الأولى، وبدون انخراط جميع مكونات المجتمع المغربي السياسية والنقابية والثقافية والاقتصادية ومنظمات المجتمع المدني، كفاعلين داعمين بالدرجة ثانية. بدون شك انكم تدركون أكثر من غيركم، التحديات التي تواجه المنظومة التربوية سواء على المستوى الوطني أو الدولي ، وهو ما يفرض مزيدا من التعبئة وبذل الجهود للمحافظة على وهج المدرسة العمومية بما تختزله من طاقات بشرية وفكرية تحمل مشروعا تربويا للمجتمع الديمقراطي الحداثي كما ينشده كل المغاربة، وقادرة على التألق والرفع من مستوى جودة التعليم. لقد حرصت الوزارة هذا الموسم الدراسي على إرساء خطوات واعدة للإصلاح نعتبرها مدخلا أساسا للنهوض بالتربية والتكوين في بلادنا، والي تتمثل بالخصوص، في إحداث المراكز الجهوية للتربية والتكوين التي تتغيا منها أن نوفر إطارا مؤسساتيا مناسبا من حيث بنيته التحتية ومناهجه والأطر العاملة فيه ، لتكوين اساتذة ذوي كفاءات مهنية تربوية وتعزيز مكانة مهنة التدريس ، كما تتجلى هذه الخطوات في سن سياسة جديدة للقرب من خلال الخدمة الإلكترونية " إنصات" التي تفاعل معها الرأي العام الوطني بشكل إيجابي سمح لمكونات المجتمع المدني بتتبع السير العام للدخول المدرسي ، وبالاهتمام أكثر من أي وقت مضى، بتمدرس بناتهم وأبنائهم. كما سعت الوزارة إلى اعتماد توقيت جديد في التعليم الابتدائي بداية من هذا الموسم الدراسي سيكون له الأثر الإيجابي على تحصيل فلذات أكبادنا، وإلى إجراء جميع الحركات الانتقالية والإعلان عن نتائجها قبل نهاية الموسم الدراسي ، فضلا عن إجراء الامتحانات المهنية قبل الانطلاق الفعلي للدراسة، وهو ما ساهم في ضمان دخول مدرسي ناجح بفضل تضافر جميع مكونات المجتمع المدرسي، بالإضافة إلى خطوات إصلاحية يشتغل عليها حاليا. إننا واعون تمام الوعي أن هذه الإصلاحات لن تكون ذات جدوى ما لم يكن هناك اهتمام بالموارد البشرية التي هي قطب الرحى في المنظومة التربوية. وفي هذا السياق ، فإن الوزارة بصدد وضع نظام أساسي خاص بأسرة التربية والتكوين من شأنه أن يستجيب إلى كل طموحاتها وتطلعاتها ويسعى إلى تحسين وضعها الاعتباري والمادي بما يعزز قيمة مكانة المدرس داخل النسيج التربوي والمجتمعي. إن احتفاءنا اليوم بالمدرس والمدرسة يجب أن نجعل منه محطة اليوم وغدا، للتأمل والتفكير في قضايانا التربوية من أجل غد مشرق للمدرسة العمومية، وما نداء الوزارة الأخير إلى كل المهتمين بالشأن التربوي إلا دعوة صادقة لإصلاح يريد أن يرد الاعتبار إلى هذه المدرسة . فلنكن جميعا مع هذا الموعد. وفقكم الله في عملكم بما يخدم نبل الرسالة التي وكلتم على تبليغها إلى ناشئتنا. الرباط في 4 أكتوبر 2012 وزير التربية الوطنية محمد الوفا |