إن اللغـة قنـاة أسـاسية للتبـادل والتـواصل سـواء بين مستعملـيهـا أو مع الخـارج.
بيـد أن الأمـر لا ينطبـق على لغـة كـالعـربية، هـذه اللغـة التي لا يتـداولهـا في الغـالب إلا أهلهـا. فكيـف، في هـذه الظـروف، يتسنى لنـا أن نتحـاور مع غيـرنـا من النـاس الذيـن يجهلـون لغتنـا، نتيجـة لتقصيـرنا وعجـزنـا عن حملهـم على تعلمهـا ؟
وقد يكـون لهـذه الوضعيـة المـؤسفة عـدة عـوامل تتعلـق أسـاسا بحـالة الجمـود والتـردي التي تـوجـد عليـه لغتنـا منـذ قـرون، مثلهـا في ذلك مثـل التـأخر المتـراكم الذي تعـرفه كل الـدول العـربية في كـافة المجالات: العلميـة والتكنـولوجية والاقتصـادية والاجتمـاعية والثقـافية، الخ ...
وأمـام هـذا الوضـع البئيـس، ألفينـا أنفسنـا مضطـرين إلى أن نلـوذ باللغـات الأجنبيـة لمـحاولـة الإفـادة، قصـد الإمكـان، وبأقصـر السبـل، من المعـارف والمـدارك التي تنقلهـا وتحتـوي عليهـا هـذه اللغـات المهيمنـة.
على أنـه يتعيـن علينـا الإقـرار، في ظل السيـاق الـراهن، بـأن التمكـن من لغـة واحـدة ليس من شـأنه أن يعيننـا على تبليـغ فكـرنـا وقيمنـا وكـذا كل مقـومـات حضـارتنـا وتـاريخنـا. وهكـذا، فبـدون إتقـان لغـة أجنبيـة أو أكثـر، فـإننـا سنكـون منحصـرين، في تبـادلنـا وتـواصلنـا، في إطـارنـا الجغـرافي والثقـافي الضيـق. وبذلك لن يكـون بـوسعنـا أن نـؤثـر على الغيـر ولا أن نـوجه الـرأي العـام الخـارجي نحـو فهـم سليـم وإدراك صحيـح لهـويتنـا وقيمنـا وثقـافتنـا.
إن مهمـة تطـور لغتنـا والـرفع من مستـوى إسهـاماتهـا وتـداولهـا وكـذا البحـث عن سبـل إشعـاعهـا عبـر العـالم، لا بـد أن يصـاحبهـا تمكـن واع ويقـظ ومستنيـر للغـات الأجنبيـة الأكثـر انتشـارا في مجـال التـواصل وفي ميـدان تلقيـن العلـوم والتكنولوجيـا.
___