يمكـن تعـريف اللغـة على أنهـا أداة للتواصـل والتعبيـر ونقـل مختلـف العلـوم والمعـارف.
على أن أحسـن تعريـف لهـا ربمـا قـد يكمـن في أنهـا كـائن حي مثـل بـاقي الكائنـات الحيـة. فـهي تنشـأ وتنـمو وتزدهـر، وقـد تمـر بمرحلـة قـد تضمحـل فيهـا وتضمـر وتـذوي أو تسقـم، بل إنهـا قـد تتعـرض للانقـراض تمامـا.
ولا شـك في أن عوامـل تطـور اللغـة والتغيـرات التي تعرفهـا، كل ذلـك يرتبـط بمـدى تعهـد أهلهـا لهـا واهتمامهـم بهـا وتنقيتهـا من كل الشـوائب وملاءمتهـا لتطـورات الحيـاة العلميـة والثقافيـة وملابسـات الواقـع بكل تشعباتـه. فاللغـة إذن خاضعـة لحـال أصحابهـا والقائميـن عليهـا. فتقدمهـا نـابع من تقدمهـم وتقهقرهـا تـابع لتقهقرهـم.
والتاريـخ ينبئنـا بمـا كـانت عليـه بعـض اللغـات من الـرقي والإشعـاع قبـل أن يصيبهـا مـا أصابهـا من التخلـف والتدهـور، فمنهـا من انقرضـت ومنهـا من عرفـت انكسـارا وانحسـارا في استعمالهـا وانتشارهـا، مثـل اللاتينيـة والإغريقيـة.
وهنـاك خاصيـة ملازمـة لأيـة لغـة، وهي قدرتهـا على تقمـص الهويـة والتعبيـر عن المقومـات الحضاريـة للشعـوب التي تتحـدث بهـا. فللغـة حمـولـة إنسانيـة وثقافيـة لا شـك فيهـا، ولعلهـا تنبـع أساسـا من كونهـا تتغـذى وتنـمو وتثـرى بالبيئـة التي تعيـش فيهـا وبالواقـع الذي يظلهـا ويهيمـن عليهـا.
وهكـذا، فـإن طـرق تعبيرهـا وأساليبهـا في التواصـل والأداء، بل حتى مكوناتهـا الجوهريـة ومحتوياتهـا، كل ذلـك يميزهـا عن غيرهـا من اللغـات ويطبـع أهلهـا بشكـل فريـد.
ولعـل هـذه الصفـة من الأسبـاب التي تعقـد عمليـة الترجمـة بين اللغـات، وخصوصـا منهـا مـا يتصـل بالفنـون الإبداعيـة والمجـالات الفكـريـة.
ولا شـك أن موضـوع اللغـة يتطلـب كثيـرا من التعمـق والبحـث والتفصيـل. وسأرجـع إليـه في المستقبـل إن شـاء اللـه.
