موضوع المشاركة:
المقاربة بالكفايات
يـــــــــوم: 11 - 10 - 11 | القـراءات: 1533
تقديم
لقد عرفت المقاربة بالكفايات،كمدخل للمناهج والبرامج، تطورا من حيث المفهوم أو من حيث أجرأته عبر الممارساتالتربوية المختلفة. وخلال كل مرحلة من مراحل هذا التطور، تم تدقيق مفهوم الكفايةبهدف صياغتها صياغة وظيفية تساعد على بناء أسس نظرية لهذه المقاربة من جهة، ومن جهةأخرى تجاوز النماذج البيداغوجية التي برزت حدودها.
ومن خلال النقاشالدائر حول المقاربة بالكفايات على المستويين الوطني والدولي، والتجارب المعتمدةببعض الأنظمة التربوية، يمكن القول بأن المناهج التعليمية المعتمدة تنبني على أساسنموذج يمزج بين الكفايات المستعرضة والكفايات النوعية. ويتم التركيز أكثر فأكثر علىالكفايات المستعرضة كلما ارتقينا عبر المراحل والأسلاكالتربوية.
وتهتم هذه الوثيقة بتدقيق الجوانب العملية الخاصةبالكفايات النوعية، والتي تعتبر كفايات أساسية بالنسبة للسلكين الابتدائي والثانويالإعدادي. وتهدف إلى تطوير مهارات للفاعلين التربويين في أفق دعم وتنمية كفاياتهمالمهنية الأساسية، من قبيل :
- تخطيط التعلمات في إطار بيداغوجيا الإدماج.
- إعداد وضعية-مشكلة.
- إعداد نشاط لإدماج التعلمات.
- إنجازنشاط للإدماج.
- تدبير مصوغة للعلاج.
- تقويم تعلماتالتلاميذ.
وفي هذا الإطار، تتضمن الوثيقة المحاور التالية :
- مفهوم الكفاية وكيفية صياغتها.
- المفاهيم المرتبطة بالكفاية :
§ الوضعية – المشكلة (الوضعية-المسألة) وتقنية صياغتها.
§ القدرةوالهدف التعلمي، وعلاقتهما بالكفاية.
- التعلمات الأساسية وتنظيمها لتنميةكفاية.
- أنشطة إدماج التعلمات.
- تقويم تعلماتالتلاميذ.
1 مفهوم الكفاية Compétence
1.1 من بيداغوجيا الأهداف إلى المقاربة بالكفايات
لقد ساهم التدريسبالأهداف في تحقيق عدة مكتسبات هامة، منها :
- وعي الأساتذة بضرورة تحديدهدف كل نشاط تعليمي/تعلمي بشكل دقيق.
- ترجمة محتويات التدريس إلى أهدافووضع خطط دقيقة لتحقيقها.
- تصنيف الأهداف إلى معارف ومهاراتومواقف.
- ضبط عملية التقويم سواء تعلق الأمر بالتقويم التكويني أو التقويمالإجمالي.
- استثمار أدوات ووسائل جديدة للتقويم.
- طرح إشكاليةالجودة والفعالية والمردودية من منظور جديد.
وقد برزت، رغم هذهالمكتسبات، بعض النقائص للتيار السلوكي، نذكر منها :
- بروز علاقة ميكانيكيةبين المثير واستجابة التلميذ، في إطار البحث الحثيث عن سلوكات قابلةللملاحظة.
- تجزيء وحدا ت التعلم إلى مكونات متعددة، تتمثل في ما يسمىبالأهداف الإجرائية مما أدى إلى تفتيت البنية العقلية للتلميذ.
- انعدامالتلاؤم بين المكتسبات المدرسية وما يتطلبه حل المشكلات التي تصادف التلميذ فيحياته العامة. مما يحول دون استثمار هذه المكتسبات في سياقاتمختلفة.
وانطلاقا من الإكراهات الناجمة عن هذه النقائص، انصب اهتمامالباحثين على طرق جديدة للتفكير والعمل. فظهر مفهوم بيداغوجيا الإدماج، والمقاربةبالكفايات كشكل من أشكاله.
1.2 تعريف الكفايةالنوعية
عرف مفهوم الكفاية تطورا مهما ساهم فيه كل من البحثالتربوي والتجارب الميدانية في بعض الأنظمة التربوية. ويعرف روغيرس[1] الكفايةكالتالي :
"الكفاية هي إمكانية التعبئة، بكيفية مستبطنة، لمجموعة مدمجة منالموارد (معك؟ارف ومهارات ومواقف)، بهدف حل فئة من الوضعيات-المشكلة ".
يبرز هذا التعريف العناصر الأساسية للكفاية، ومنها :
· إمكانية التعبئة : وتعني توفر الفرد على الكفاية بشكل دائم، وليس عند ممارستها فيوضعية معينة فقط. مما يجعل الكفاية ملازمة للفرد و دائما في خدمته .
· الكيفية المستبطنة : وتعني طابع الاستقرار والملازمة اللذان يميزان الكفاية، معقابليتها للتطوير والدعم من خلال ممارستها عبر سياقات مختلفة.
· حل فئة منالوضعيات-المشكلة : ويتعلق الأمر بوضعيات متكافئة، تتميز بنفس الخصائص (المعطيات،صعوبة المهام، دقة المعلومات المقدمة، ...).
كما نستنتج من هذاالتعريف أن الكفاية تستلزم :
· امتلاك التلميذ معارف علمية ومنهجية وكذامهارات مرتبطة بمحتوى المادة.
· تبنيه لمواقف واتجاهات، تمكنه من اتباعسلوكات صحيحة تجاه ذاته و محيطه
· تمرنه على ممارسة الكفاية في وضعياتمتكافئة مختلفة.
· استعداده الدائم لممارسة الكفاية، وتطويره لها باكتسابتعلمات جديدة.
كما أن هذا التعريف يمكن من تحديد مميزات الكفاية،مما يسهل عملية صياغتها ووضع استراتيجية لتنميتها.
1.3مميزات الكفاية
تتميز الكفاية بخصائص، أهمها : تعبئة مجموعة موارد، الوظيفية، العلاقة بفئة من الوضعيات، الارتباط بمحتوى دراسي،والقابلية للتقويم.
1. تعبئة مجموعة موارد : إذ التمكن من الكفايةيعني امتلاك معارف ومهارات وخبرات وتقنيات وقدرات، ... تتفاعل فيما بينها ضمنمجموعة مدمجة. ولا يعتبر توفر التلميذ على كل الموارد الخاصة بكفاية ما ضروريا.
2. الوظيفية : إن امتلاك التلميذ معارف ومهارات ومواقف يبقى دونمعنى إذا لم تستثمر في نشاط أو إنتاج محفز، أو في حل مشكلة تعترضه في المؤسسةالتعليمية أو في حياته العامة. وهكذا تمكنه الكفاية من ربط التعلمات بحاجاتهالفعلية، والعمل على تلبية هذه الحاجات باستقلالية تامة، ووفق وتيرةخاصة.
3. العلاقة بفئة من الوضعيات : إن ممارسة الكفاية لا يمكن أنيتم إلا في إطار حل فئة من الوضعيات المتكافئة. فالكفاية في مجال ما (مادة أو موادمدمجة) تعني قدرة التلميذ على حل مشكلات متنوعة باستثمار الأهداف (المعرفيةوالحس-حركية والوجدانية) المحددة في البرنامج. وتصبح ممارسة الكفاية عبارة عناختيار الموارد الملائمة للوضعية وترتيبها واستثمارها في اقتراح حل أو حلول متعددةللمشكلة.
4. الارتباط بمحتوى دراسي : ويتجلى في كون الكفاية مرتبطةبفئة من الوضعيات، يتطلب حلها استثمار موارد مكتسبة عبر محتوى دراسي معين. ويمكن أنيندرج هذا المحتوى ضمن مادة دراسية واحدة أو ضمن عدة مواد.
5. القابلية للتقويم : تتمثل قابلية الكفاية للتقويم في إمكانية قياس جودة إنجازالتلميذ (حل وضعية-مشكلة، إنجاز مشروع، ...). ويتم تقويم الكفاية من خلال معاييرتحدد سابقا. وقد تتعلق هذه المعايير بنتيجة المهمة (جودة المنتوج، دقة الإجابة، ...)، أو بسيرورة إنجازها (مدة الإنجاز، درجة استقلالية التلميذ، تنظيم المراحل، ...)، أو بهما معا.
4.1 صياغة كفاية
تتم صياغة كفاية باعتبار دقة المصطلحات والطابع الإدماجيللكفاية. وتساهم دقة المصطلحات في توحيد فهم الكفاية من لدن عدة أشخاص. بينما يعملالطابع الإدماجي على تمييز الكفاية عن هدف تعلمي كالمهارة مثلا. ولتحقيق ذلك، يمكنالأخذ بعين الاعتبار الاقتراحات التالية :
- تحديد ما هو مطلوب منالتلميذ :
· نوع المهمة المرتقبة : حل وضعية-مشكلة، إنتاج جديد، إنجاز مهمةعادية، التأثير على البيئة، ...
· ظروف الإنجاز : معاملات الوضعية (سياق،معطيات، موارد خارجية، ...)، سيرورة الإنجاز، الإكراهات، المراجع، ...
- الصياغة التقنية :
· تعبئة مكتسبات مدمجة، وليست مضافة بعضها إلىالبعض.
· الإحالة إلى فئة من الوضعيات محددة من خلال معاملات.
· تجسيد الكفاية في وضعيات ذات دلالة (بعد اجتماعي مثلا)، لتصير ذات معنى.
· ضمان إمكانية إعداد وضعية جديدة للتقويم.
· التمركز حول مهمة معقدة.
· القابلية للتقويم.
· الملاءمة للبرنامج الرسمي.
تطبيق 1 :
* اختر مادة (أو جزء منمادة) تدرسها بمستوى معين. اقترح الكفايات (2 أو 3 على الأكثر) التي يمكن أن تغطيمجموع التعلمات الأساسية الواردة في برنامج المادة.
* بين الروابط بين هذهالاقتراحات والكقايات الواردة في الوثيقة الإطار للتوحهات والاختيارات التربوية (الكتاب الأبيض).
2 المفاهيم المرتبطةبالكفاية
انطلاقا من تعريف الكفاية، تبرز أهمية اعتبار القدرةوالهدف (معارف ومهارات ومواقف) والوضعية-المشكلة في تنمية وتطوير وتقويم الكفايات. وإذا كانت القدرة تمثل البعد المستعرض للكفاية كما سنرى لاحقا والأهداف تمثل البعدالمتعلق بالمادة الدراسية فإن الوضعية-المشكلة تمثل المجال الذي تأخذ فيه التعلماتمعنى حقيقيا، يربط بين ما يتم تحصيله من تعلمات، وما يتطلبه حل مشاكل الحياةالمهنية أو العامة التي تتسم بالتعقيد. وفيما يلي تقديم لهذهالمفاهيم.
1.2 الوضعية-المشكلة Situation-problème
تعتبر الوضعية-المشكلة، في إطار المقاربة بالكفايات، عنصرا مركزيا. وتمثل المجال الملائم الذي تنجز فيه أنشطة تعلمية متعلقة بالكفاية، أو أنشطة تقويمالكفاية نفسها.
1.1.2 مفهوم الوضعية-المشكلة
تتكون الوضعية-المشكلة حسب روغيرس من :
- وضعية (situation) : تحيل إلى الذات (Sujet) في علاقتها بسياق معين(contexte)، أو بحدث (évènement)، مثال : خروج المتعلم إلى نزهة، زيارة مريض، اقتناء منتوجات، عيد الأم،اليوم العالمي للمدرس،...
- مشكلة (problème) : وتتمثل في استثمار معلوماتأو إنجاز مهمة أو تخطي حاجز، لتلبية لحاجة ذاتية عبر مسار غير بديهي. (مثال : المشاكل المقترحة في العلوم).
وتحدث الوضعية-المشكلة، في الإطارالدراسي، خلخلة للبنية المعرفية للمتعلم، وتساهم في إعادة بناء التعلم. وتتموضع ضمنسلسلة مخططة من التعلمات.
2.1.2 مميزاتالوضعية-المشكلة
تتمثل أهم مميزات الوضعية-المشكلة في كونها :
· تمكن من تعبئة مكتسبات مندمجة وليست مضافة بعضها لبعض.
· توجه التلميذ نحو إنجاز مهمة مستقاة من محيطه، وبذلك تعتبر ذات دلالة تتمثل فيبعدها الاجتماعي والثقافي... كما أنها تحمل معنى بالنسبة للمسار التعلمي للتلميذ،أو بالنسبة لحياته اليومية أو المهنية.
· تحيل إلى صنف من المسائل الخاصةبمادة أو بمجموعة مواد.
· تعتبر جديدة بالنسبة للتلميذ عندما يتعلق الأمربتقويم الكفاية.
وتعمل هذه المميزات على التمييز بين التمرينالتطبيقي لقاعدة أو نظرية من جهة، وبين حل المشكلات المتمثل في ممارسة الكفاية منجهة أخرى.
3.1.2 مكونات الوضعية-المشكلة
تتكون الوضعية-المشكلة من عنصرين أساسيين، هما :
1. السند أو الحامل : ويتضمن كل العناصر المادية التي تقدمللتلميذ، والتي تتمثل في:
i. السياق : ويعبر عن المجال الذي تمارس فيهالكفاية، كأن يكون سياقا عائليا أو سوسيوثقافيا أو سوسيومهنيا... ويتم تحديد السياقعند وضع السياسة التربوية (التوجهات والاختيارات التربوية).
ii. المعلومات : التي سيستثمرها التلميذ أثناء الإنجاز. وقد لا يستغل بعضها في الحل فتسمى معلوماتمشوشة، تتمثل أهميتها في تنمية القدرة على الاختيار.
iii. الوظيفة : وتتمثلفي تحديد الهدف من حل الوضعية، مما يحفز التلميذ على الإنجاز.
2. المهمة : وتتمثل في مجموع التعليمات التي تحدد ما هو مطلوب من المتعلم إنجازه. . ويستحسن أنتتضمن أسئلة مفتوحة، تتيح للتلميذ فرصة إشباع حاجاته الشخصية، كالتعبير عن الرأي،واتخاذ المبادرة، والوعي بالحقوق والواجبات، والمساهمة في الشأن الأسري والمحليوالوطني، الخ.
واعتبارا لهذه المكونات، تأخذ الوضعية-المشكلة دلالةبالنسبة للتلميذ حيث إنها :
· تتيح له فرصة تعبئة مكتسباته فيمجالات حياته، التي تعتبر مراكز اهتمامه.
· تشكل تحديا بالنسبة التلميذ،ومحفزا على التعلم الذاتي.
· تتيح له فرصة الاستفادة من مكتسباته، بنقلهابين سياقات مختلفة.
· تفتح له آفاق تطبيق مكتسباته.
· تحثه علىالتساؤل عن كيفية بناء وصقل المعرفة، وعن مبادئ وأهداف وسيرورات تعلمه.
· تمكنه من الربط بين النظري والتطبيقي، وبين مساهمات مختلف الموادالدراسية.
· تمكنه من تحديد حاجاته في التعلم، من خلال الفرق بين ما اكتسبه،وما يتطلبه حل الوضعية-المشكلة.
4.1.2 وظائف الوضعية-المشكلة
للوضعية-المسألة وظائف عديدة، منها ما يرتبط بالمادة المدرسة،ومنها ما له علاقة بتنشئة المتعلم بصفة عامة. فالنسبة للمادة المدرسة، يمكنللوضعية-المشكلة أن تؤدي :
- وظيفة ديدكتيكية : وتتمثل في تقديمإشكالية لا يفترض حلها منذ البداية، وإنما تعمل على تحفيز التلميذ لانخراطه الفاعلفي بناء التعلم.
- وظيفة تعلم الإدماج : ويتعلق الأمر بتعلم إدماج الموارد (التعلمات المكتسبة) في سياق خارج سياق المدرسة.
- وظيفة تقويمية : وتتحققهذه الوظيفة عندما تقترح وضعية-مسألة جديدة، بهدف تقويم قدرة التلميذ على إدماجالتعلمات في سياقات مختلفة، ووفق معايير محددة. ويعتبر النجاح في حل هذهالوضعية-المشكلة دليلا على التمكن من الكفاية[2] .
كما أنللوضعية-المشكلة وظائف أخرى، منها يناء وتحويل وتنمية القيم والاتجاهات، ودعمالتفاعل بين المواد، وتنمية القدرة على الخلق والإبداع من خلال الأسئلةالمفتوحة.
5.1.2 صياغة وضعية- مشكلة
يتم اكتساب الكفاية من خلال التمكن من الموارد الممثلة فيالأهداف التعلمية، والتمرن على إدماج هذه الموارد باعتماد وضعية-مسألة مرتبطةبالكفاية. وتحدد فئة الوضعيات المسائل، أو الوضعيات-المشكلة المتكافئة، الخاصةبكفاية بواسطة وسائط (برامترات paramètres) تدقق نوع وعدد وطبيعة مكونات الوضعيةكالسياق أو المعلومات (المكتسبة من خلال التعلم أو المقترحة في شكل وثائق) أوالمهمة أو ظروف إنجازها والمعايير التي ستعتمد في تقويم إنتاج التلاميذ. وغالبا ماتتم الإشارة لهذه الوسائط أو لبعضها عند صياغة الكفاية، وذلك لإتاحة الفرصةللفاعلين التربويين لإعداد وضعيات-مسائل مرتبطة بكفاية ما.
تطبيق 2 :
اختر كفاية من بين الكفايات التي اقترحتها فيالتطبيق 1،
* انطلاقا من التوجهات التربوية العامة (الكتاب الأبيض)، استخرجأهم المعاملات التي تمكن من تحديد فئة الوضعيات-المشكلة المرتبطة بهذهالكفاية.
* صغ مثالين لوضعيات-مشكلة يتعلقان بهذهالكفاية.
2.2 القدرة Capacité
1.2.2 مفهوم القدرة :
يعرف ميريوالقدرة كالتالي : " ... نشاط دهني مستقر وقابل للتطبيق في مجالات مختلفة؛ وتستعمللفظة القدرة كمرادف للمهارة. ولا توجد أي قدرة في الحالة المطلقة، كما أن القدرة لاتتمظهر إلا من خلال تطبيقها على محتوى".
ومن الأمثلة على القدرات: التصنيف والتحليل والتركيب والتمثيل,,,, فقدرة التحليل مثلا، لا تتجسد إلا من خلالتطبيقها على محتوى دراسي، كتحليل قياسات، أو تحليل تمثيل مبياني، أو تحليل نص، أوتحليل صورة، أو تحليل خريطة....
وإذا كانت جل القدرات التي تتمتنميتها في التعليم قدرات عقلية، فإن ذلك لا يجب أن ينسينا قدرات أخرى كالقدراتالحس- حركية والقدرات السوسيو وجدانية. وفيما يلي أمثلة لبعض القدرات المتداولة حسبالمجالات الثلاثة للشخصية :
· قراءة، تلخيص، تصنيف، مقارنة، جمع،نقد، تركيب (أفكار)، ... وهي قدرات معرفية. وقد وضعت لهذه القدرات عدة صنافات، منأهمها صنافة بلوم وصنافة داينو.
· تمثيل، تلوين، مزج، تركيب (عدة تجريبية)، ... وهي قدرات حس – حركية. ومن الصنافات الخاصة بهذا المجال من القدرات، نذكر صنافةسيمبسون وصنافة هارو.
· إنصات، تعبير، ربط علاقة، ... وهي قدراتسوسيووجدانية. وتعتبر صنافة كراثوول أو صنافة داينو من أهم الصنافات المتعلقة بهذهالقدرات.
2.2.2 مميزات القدرة :
إنالقدرة بهذا المفهوم، تكتسب وتتطور من خلال ممارستها على محتويات ومضامين موادمختلفة. فهي إذن :
· مستعرضة : إذ تكتسب من خلال عدة مواد، بدرجاتمختلفة.
· قابلة للتطوير : لا تقتصر تنميتها على التعلم النظامي فقط، وإنماتتم خلال الحياة ككل. فقدرة الملاحظة تبدأ عند الرضيع، وتتطور خلال الحياة، لتصبحأكثر دقة وأكثر سرعة.
· قابلة للتحويل : يتم تطوير القدرة من خلال وضعيات،فتتفاعل هذه القدرة مع قدرات أخرى، وينتج عن ذلك التفاعل قدرات جديدة. فالقراءةوالكتابة والتصنيف مثلا، قدرات تتفاعل فيما بينها فتفرز قدرات أخرى كالتمييز وأخذالنقط والحوار وتنظيم العمل...
· غير قابلة للتقويم : يتم تقويم ممارستهاعلى محتويات معينة، وفي وضعيات خاصة.
وكما تمت الإشارة إلى ذلكسابقا، تعتبر الكفاية المستعرضة قدرة عامة. فاتباع النهج العلمي مثلا، قدرة يمكنتنميتها من خلال قدرات أخرى قابلة للتطوير عبر مراحل تعليمية متعددة، ومن خلال كلالمواد الدراسية.
ويقترح داينو على سبيل المثال خمس قدرات أساسيةلاتباع النهج العلمي :
· وضع تساؤلات، تنمية الفضول (poser des questions, être curieux).
· البحث عن المعلومات(chercher des informations).
· معالجة المعلومات(traiter des informations).
· الإخباربالمعلومات(communiquer des informations).
· القيام بفعل معين، إنجاز مشروع (agir, réaliser un projet) .
تطبيق 3 :
انطلاقا من الكفاية والوضعيتين-المشكلة المتعلقتين بهما ضمن التطبيق 2،وباعتبار برنامج المادة (أو جزء البرنامج) المتعلق بالكفاية، اجرد أهم القدرات التييمكن اعتبارها ضرورية لتنمية الكفاية.
3.2 الهدف التعلمي Objectif d’apprentissage
الهدف التعلمي هو ممارسة قدرة على محتوى معين، يعتبر موضوعتعلم. فقدرة الكتابة مثلا وقانون ما كموضوع تعلم يمكنان من الحصول على الهدف التالي : كتابة قانون كذا. ويوافق هذا التعبير مرقى الهدف الخاص المعتمد في إطار التدريسبالأهداف. ويبقى من مهمة الأستاذ العمل على أجرأته، لضبط وتقويم وتوجيه كل منأنشطته، باعتباره منشطا ووسيطا، وأنشطة التلاميذ باعتبارهم فاعلين أساسيين فيالعملية التعليمة-التعلمية.
ويتم تصنيف الأهداف الخاصة إلى معارفومهارات ومواقف، تبعا لطبيعة القدرة :
1. المعارف(savoirs) : وتتمثل بالنسبة لمادةما، في ممارسة القدرات المعرفية على موضوع ما للتعلم.
2. المهارات (savoir-faire): وتتمثل في تطبيق قدرة حس – حركية على موضوع للتعلم. ويتم تطويرهامن خلال التمرن على تنمية مراحلها في مواضيع تعلم مختلفة. وتتمثل أهمية تنويعمواضيع التعلم في تمييز المهارة عن المعرفة.
3. المواقفوالاتجاهات/حسن التواجد (savoir-être): ويمكن الحصول عليها بتطبيق قدرةسوسيووجدانية على موضوع تعلم، كالإنصات إلى اقتراحات النظراء، والتعود على تصفحالمنجد للبحث عن معنى كلمة.
3 تنميةوتطوير الكفايات
يمكن تنمية كفاية وتطويرها وفق مسارين: مساريعتبر مراحل الكفاية وهي عبارة عن مستويات متدرجة. ومسار يعتمد جدولالتخصيص.
1.3 مفهوم مرحلة كفاية palier d'une compétence
تتحدد مرحلة للكفاية من خلال المستويات البينيةللمضامين، وللأنشطة، وللوضعيات التي تمارس فيها الكفاية. ولتوضيح ذلك، يمكن تقديمالمثال التالي :
الكفاية المستهدفة : اقتراح حلول ناجعة لمشاكلبيئية، انطلاقا من وضعية معيشة أو من وثائق تبرز خطورة تلوث الهواء.
· المرحلة 1 : اقتراح حلول ناجعة لمشاكل بيئية، انطلاقا من وثائق تبرز خطورة تلوثالهواء. (تم الاقتصار على نوع محدد من المعطيات التي ستتضمنها الوضعية-المشكلة. ويمكن تحديد عدد وطبيعة هذه الوثائق : نصوص، صور، معطيات إحصائية،الخ...).
· المرحلة 2 : اقتراح خطة عمل للتحسيس بمشكل بيئي، انطلاقا منوضعية معيشة أو من وثائق تبرز خطورة تلوث الهواء. (تم الاقتصار بالنسبة للمهمة، علىاقتراح حل واحد).
و يقتصر في صياغة مراحل كفاية على تغيير مكوناتالوضعيات المرتبطة بها، وتعقيد المهام المطلوبة تدريجيا. ويتم ذلك من خلال الزيادةفي عدد العمليات، أو عدد أو نوع المعطيات، أو مجال المهام المطلوبة، أو حجم الإنتاجالمرتقب، الخ...
2.3 جدول التخصيص
يتكون جدول التخصيص (table de spécification) من مدخلين :
· مدخل القدرات الضرورية لتنمية الكفاية. ويتضمن الكتاب الأبيض (الجزء 1) القدرات الضرورية لتنمية مختلف الكفايات المستهدفة (ذات الطابع التواصلي أو المنهجيأو الاستراتيجي...).
· مدخل مضامين المادة الدراسية، والتي ستمارس عليها هذهالقدرات.
وبما أن الهدف يتمثل في تطبيق قدرة ما على محتوى معين، فإنخانات جدول التخصيص تتضمن مختلف الأهداف التي توجه الممارسات البيداغوجية، وتشكلالموارد الضرورية التي يتم إدماجها في إطار تنمية الكفاية أو تقويمها.
تقديم
لقد عرفت المقاربة بالكفايات،كمدخل للمناهج والبرامج، تطورا من حيث المفهوم أو من حيث أجرأته عبر الممارساتالتربوية المختلفة. وخلال كل مرحلة من مراحل هذا التطور، تم تدقيق مفهوم الكفايةبهدف صياغتها صياغة وظيفية تساعد على بناء أسس نظرية لهذه المقاربة من جهة، ومن جهةأخرى تجاوز النماذج البيداغوجية التي برزت حدودها.
ومن خلال النقاشالدائر حول المقاربة بالكفايات على المستويين الوطني والدولي، والتجارب المعتمدةببعض الأنظمة التربوية، يمكن القول بأن المناهج التعليمية المعتمدة تنبني على أساسنموذج يمزج بين الكفايات المستعرضة والكفايات النوعية. ويتم التركيز أكثر فأكثر علىالكفايات المستعرضة كلما ارتقينا عبر المراحل والأسلاكالتربوية.
وتهتم هذه الوثيقة بتدقيق الجوانب العملية الخاصةبالكفايات النوعية، والتي تعتبر كفايات أساسية بالنسبة للسلكين الابتدائي والثانويالإعدادي. وتهدف إلى تطوير مهارات للفاعلين التربويين في أفق دعم وتنمية كفاياتهمالمهنية الأساسية، من قبيل :
- تخطيط التعلمات في إطار بيداغوجيا الإدماج.
- إعداد وضعية-مشكلة.
- إعداد نشاط لإدماج التعلمات.
- إنجازنشاط للإدماج.
- تدبير مصوغة للعلاج.
- تقويم تعلماتالتلاميذ.
وفي هذا الإطار، تتضمن الوثيقة المحاور التالية :
- مفهوم الكفاية وكيفية صياغتها.
- المفاهيم المرتبطة بالكفاية :
§ الوضعية – المشكلة (الوضعية-المسألة) وتقنية صياغتها.
§ القدرةوالهدف التعلمي، وعلاقتهما بالكفاية.
- التعلمات الأساسية وتنظيمها لتنميةكفاية.
- أنشطة إدماج التعلمات.
- تقويم تعلماتالتلاميذ.
1 مفهوم الكفاية Compétence
1.1 من بيداغوجيا الأهداف إلى المقاربة بالكفايات
لقد ساهم التدريسبالأهداف في تحقيق عدة مكتسبات هامة، منها :
- وعي الأساتذة بضرورة تحديدهدف كل نشاط تعليمي/تعلمي بشكل دقيق.
- ترجمة محتويات التدريس إلى أهدافووضع خطط دقيقة لتحقيقها.
- تصنيف الأهداف إلى معارف ومهاراتومواقف.
- ضبط عملية التقويم سواء تعلق الأمر بالتقويم التكويني أو التقويمالإجمالي.
- استثمار أدوات ووسائل جديدة للتقويم.
- طرح إشكاليةالجودة والفعالية والمردودية من منظور جديد.
وقد برزت، رغم هذهالمكتسبات، بعض النقائص للتيار السلوكي، نذكر منها :
- بروز علاقة ميكانيكيةبين المثير واستجابة التلميذ، في إطار البحث الحثيث عن سلوكات قابلةللملاحظة.
- تجزيء وحدا ت التعلم إلى مكونات متعددة، تتمثل في ما يسمىبالأهداف الإجرائية مما أدى إلى تفتيت البنية العقلية للتلميذ.
- انعدامالتلاؤم بين المكتسبات المدرسية وما يتطلبه حل المشكلات التي تصادف التلميذ فيحياته العامة. مما يحول دون استثمار هذه المكتسبات في سياقاتمختلفة.
وانطلاقا من الإكراهات الناجمة عن هذه النقائص، انصب اهتمامالباحثين على طرق جديدة للتفكير والعمل. فظهر مفهوم بيداغوجيا الإدماج، والمقاربةبالكفايات كشكل من أشكاله.
1.2 تعريف الكفايةالنوعية
عرف مفهوم الكفاية تطورا مهما ساهم فيه كل من البحثالتربوي والتجارب الميدانية في بعض الأنظمة التربوية. ويعرف روغيرس[1] الكفايةكالتالي :
"الكفاية هي إمكانية التعبئة، بكيفية مستبطنة، لمجموعة مدمجة منالموارد (معك؟ارف ومهارات ومواقف)، بهدف حل فئة من الوضعيات-المشكلة ".
يبرز هذا التعريف العناصر الأساسية للكفاية، ومنها :
· إمكانية التعبئة : وتعني توفر الفرد على الكفاية بشكل دائم، وليس عند ممارستها فيوضعية معينة فقط. مما يجعل الكفاية ملازمة للفرد و دائما في خدمته .
· الكيفية المستبطنة : وتعني طابع الاستقرار والملازمة اللذان يميزان الكفاية، معقابليتها للتطوير والدعم من خلال ممارستها عبر سياقات مختلفة.
· حل فئة منالوضعيات-المشكلة : ويتعلق الأمر بوضعيات متكافئة، تتميز بنفس الخصائص (المعطيات،صعوبة المهام، دقة المعلومات المقدمة، ...).
كما نستنتج من هذاالتعريف أن الكفاية تستلزم :
· امتلاك التلميذ معارف علمية ومنهجية وكذامهارات مرتبطة بمحتوى المادة.
· تبنيه لمواقف واتجاهات، تمكنه من اتباعسلوكات صحيحة تجاه ذاته و محيطه
· تمرنه على ممارسة الكفاية في وضعياتمتكافئة مختلفة.
· استعداده الدائم لممارسة الكفاية، وتطويره لها باكتسابتعلمات جديدة.
كما أن هذا التعريف يمكن من تحديد مميزات الكفاية،مما يسهل عملية صياغتها ووضع استراتيجية لتنميتها.
1.3مميزات الكفاية
تتميز الكفاية بخصائص، أهمها : تعبئة مجموعة موارد، الوظيفية، العلاقة بفئة من الوضعيات، الارتباط بمحتوى دراسي،والقابلية للتقويم.
1. تعبئة مجموعة موارد : إذ التمكن من الكفايةيعني امتلاك معارف ومهارات وخبرات وتقنيات وقدرات، ... تتفاعل فيما بينها ضمنمجموعة مدمجة. ولا يعتبر توفر التلميذ على كل الموارد الخاصة بكفاية ما ضروريا.
2. الوظيفية : إن امتلاك التلميذ معارف ومهارات ومواقف يبقى دونمعنى إذا لم تستثمر في نشاط أو إنتاج محفز، أو في حل مشكلة تعترضه في المؤسسةالتعليمية أو في حياته العامة. وهكذا تمكنه الكفاية من ربط التعلمات بحاجاتهالفعلية، والعمل على تلبية هذه الحاجات باستقلالية تامة، ووفق وتيرةخاصة.
3. العلاقة بفئة من الوضعيات : إن ممارسة الكفاية لا يمكن أنيتم إلا في إطار حل فئة من الوضعيات المتكافئة. فالكفاية في مجال ما (مادة أو موادمدمجة) تعني قدرة التلميذ على حل مشكلات متنوعة باستثمار الأهداف (المعرفيةوالحس-حركية والوجدانية) المحددة في البرنامج. وتصبح ممارسة الكفاية عبارة عناختيار الموارد الملائمة للوضعية وترتيبها واستثمارها في اقتراح حل أو حلول متعددةللمشكلة.
4. الارتباط بمحتوى دراسي : ويتجلى في كون الكفاية مرتبطةبفئة من الوضعيات، يتطلب حلها استثمار موارد مكتسبة عبر محتوى دراسي معين. ويمكن أنيندرج هذا المحتوى ضمن مادة دراسية واحدة أو ضمن عدة مواد.
5. القابلية للتقويم : تتمثل قابلية الكفاية للتقويم في إمكانية قياس جودة إنجازالتلميذ (حل وضعية-مشكلة، إنجاز مشروع، ...). ويتم تقويم الكفاية من خلال معاييرتحدد سابقا. وقد تتعلق هذه المعايير بنتيجة المهمة (جودة المنتوج، دقة الإجابة، ...)، أو بسيرورة إنجازها (مدة الإنجاز، درجة استقلالية التلميذ، تنظيم المراحل، ...)، أو بهما معا.
4.1 صياغة كفاية
تتم صياغة كفاية باعتبار دقة المصطلحات والطابع الإدماجيللكفاية. وتساهم دقة المصطلحات في توحيد فهم الكفاية من لدن عدة أشخاص. بينما يعملالطابع الإدماجي على تمييز الكفاية عن هدف تعلمي كالمهارة مثلا. ولتحقيق ذلك، يمكنالأخذ بعين الاعتبار الاقتراحات التالية :
- تحديد ما هو مطلوب منالتلميذ :
· نوع المهمة المرتقبة : حل وضعية-مشكلة، إنتاج جديد، إنجاز مهمةعادية، التأثير على البيئة، ...
· ظروف الإنجاز : معاملات الوضعية (سياق،معطيات، موارد خارجية، ...)، سيرورة الإنجاز، الإكراهات، المراجع، ...
- الصياغة التقنية :
· تعبئة مكتسبات مدمجة، وليست مضافة بعضها إلىالبعض.
· الإحالة إلى فئة من الوضعيات محددة من خلال معاملات.
· تجسيد الكفاية في وضعيات ذات دلالة (بعد اجتماعي مثلا)، لتصير ذات معنى.
· ضمان إمكانية إعداد وضعية جديدة للتقويم.
· التمركز حول مهمة معقدة.
· القابلية للتقويم.
· الملاءمة للبرنامج الرسمي.
تطبيق 1 :
* اختر مادة (أو جزء منمادة) تدرسها بمستوى معين. اقترح الكفايات (2 أو 3 على الأكثر) التي يمكن أن تغطيمجموع التعلمات الأساسية الواردة في برنامج المادة.
* بين الروابط بين هذهالاقتراحات والكقايات الواردة في الوثيقة الإطار للتوحهات والاختيارات التربوية (الكتاب الأبيض).
2 المفاهيم المرتبطةبالكفاية
انطلاقا من تعريف الكفاية، تبرز أهمية اعتبار القدرةوالهدف (معارف ومهارات ومواقف) والوضعية-المشكلة في تنمية وتطوير وتقويم الكفايات. وإذا كانت القدرة تمثل البعد المستعرض للكفاية كما سنرى لاحقا والأهداف تمثل البعدالمتعلق بالمادة الدراسية فإن الوضعية-المشكلة تمثل المجال الذي تأخذ فيه التعلماتمعنى حقيقيا، يربط بين ما يتم تحصيله من تعلمات، وما يتطلبه حل مشاكل الحياةالمهنية أو العامة التي تتسم بالتعقيد. وفيما يلي تقديم لهذهالمفاهيم.
1.2 الوضعية-المشكلة Situation-problème
تعتبر الوضعية-المشكلة، في إطار المقاربة بالكفايات، عنصرا مركزيا. وتمثل المجال الملائم الذي تنجز فيه أنشطة تعلمية متعلقة بالكفاية، أو أنشطة تقويمالكفاية نفسها.
1.1.2 مفهوم الوضعية-المشكلة
تتكون الوضعية-المشكلة حسب روغيرس من :
- وضعية (situation) : تحيل إلى الذات (Sujet) في علاقتها بسياق معين(contexte)، أو بحدث (évènement)، مثال : خروج المتعلم إلى نزهة، زيارة مريض، اقتناء منتوجات، عيد الأم،اليوم العالمي للمدرس،...
- مشكلة (problème) : وتتمثل في استثمار معلوماتأو إنجاز مهمة أو تخطي حاجز، لتلبية لحاجة ذاتية عبر مسار غير بديهي. (مثال : المشاكل المقترحة في العلوم).
وتحدث الوضعية-المشكلة، في الإطارالدراسي، خلخلة للبنية المعرفية للمتعلم، وتساهم في إعادة بناء التعلم. وتتموضع ضمنسلسلة مخططة من التعلمات.
2.1.2 مميزاتالوضعية-المشكلة
تتمثل أهم مميزات الوضعية-المشكلة في كونها :
· تمكن من تعبئة مكتسبات مندمجة وليست مضافة بعضها لبعض.
· توجه التلميذ نحو إنجاز مهمة مستقاة من محيطه، وبذلك تعتبر ذات دلالة تتمثل فيبعدها الاجتماعي والثقافي... كما أنها تحمل معنى بالنسبة للمسار التعلمي للتلميذ،أو بالنسبة لحياته اليومية أو المهنية.
· تحيل إلى صنف من المسائل الخاصةبمادة أو بمجموعة مواد.
· تعتبر جديدة بالنسبة للتلميذ عندما يتعلق الأمربتقويم الكفاية.
وتعمل هذه المميزات على التمييز بين التمرينالتطبيقي لقاعدة أو نظرية من جهة، وبين حل المشكلات المتمثل في ممارسة الكفاية منجهة أخرى.
3.1.2 مكونات الوضعية-المشكلة
تتكون الوضعية-المشكلة من عنصرين أساسيين، هما :
1. السند أو الحامل : ويتضمن كل العناصر المادية التي تقدمللتلميذ، والتي تتمثل في:
i. السياق : ويعبر عن المجال الذي تمارس فيهالكفاية، كأن يكون سياقا عائليا أو سوسيوثقافيا أو سوسيومهنيا... ويتم تحديد السياقعند وضع السياسة التربوية (التوجهات والاختيارات التربوية).
ii. المعلومات : التي سيستثمرها التلميذ أثناء الإنجاز. وقد لا يستغل بعضها في الحل فتسمى معلوماتمشوشة، تتمثل أهميتها في تنمية القدرة على الاختيار.
iii. الوظيفة : وتتمثلفي تحديد الهدف من حل الوضعية، مما يحفز التلميذ على الإنجاز.
2. المهمة : وتتمثل في مجموع التعليمات التي تحدد ما هو مطلوب من المتعلم إنجازه. . ويستحسن أنتتضمن أسئلة مفتوحة، تتيح للتلميذ فرصة إشباع حاجاته الشخصية، كالتعبير عن الرأي،واتخاذ المبادرة، والوعي بالحقوق والواجبات، والمساهمة في الشأن الأسري والمحليوالوطني، الخ.
واعتبارا لهذه المكونات، تأخذ الوضعية-المشكلة دلالةبالنسبة للتلميذ حيث إنها :
· تتيح له فرصة تعبئة مكتسباته فيمجالات حياته، التي تعتبر مراكز اهتمامه.
· تشكل تحديا بالنسبة التلميذ،ومحفزا على التعلم الذاتي.
· تتيح له فرصة الاستفادة من مكتسباته، بنقلهابين سياقات مختلفة.
· تفتح له آفاق تطبيق مكتسباته.
· تحثه علىالتساؤل عن كيفية بناء وصقل المعرفة، وعن مبادئ وأهداف وسيرورات تعلمه.
· تمكنه من الربط بين النظري والتطبيقي، وبين مساهمات مختلف الموادالدراسية.
· تمكنه من تحديد حاجاته في التعلم، من خلال الفرق بين ما اكتسبه،وما يتطلبه حل الوضعية-المشكلة.
4.1.2 وظائف الوضعية-المشكلة
للوضعية-المسألة وظائف عديدة، منها ما يرتبط بالمادة المدرسة،ومنها ما له علاقة بتنشئة المتعلم بصفة عامة. فالنسبة للمادة المدرسة، يمكنللوضعية-المشكلة أن تؤدي :
- وظيفة ديدكتيكية : وتتمثل في تقديمإشكالية لا يفترض حلها منذ البداية، وإنما تعمل على تحفيز التلميذ لانخراطه الفاعلفي بناء التعلم.
- وظيفة تعلم الإدماج : ويتعلق الأمر بتعلم إدماج الموارد (التعلمات المكتسبة) في سياق خارج سياق المدرسة.
- وظيفة تقويمية : وتتحققهذه الوظيفة عندما تقترح وضعية-مسألة جديدة، بهدف تقويم قدرة التلميذ على إدماجالتعلمات في سياقات مختلفة، ووفق معايير محددة. ويعتبر النجاح في حل هذهالوضعية-المشكلة دليلا على التمكن من الكفاية[2] .
كما أنللوضعية-المشكلة وظائف أخرى، منها يناء وتحويل وتنمية القيم والاتجاهات، ودعمالتفاعل بين المواد، وتنمية القدرة على الخلق والإبداع من خلال الأسئلةالمفتوحة.
5.1.2 صياغة وضعية- مشكلة
يتم اكتساب الكفاية من خلال التمكن من الموارد الممثلة فيالأهداف التعلمية، والتمرن على إدماج هذه الموارد باعتماد وضعية-مسألة مرتبطةبالكفاية. وتحدد فئة الوضعيات المسائل، أو الوضعيات-المشكلة المتكافئة، الخاصةبكفاية بواسطة وسائط (برامترات paramètres) تدقق نوع وعدد وطبيعة مكونات الوضعيةكالسياق أو المعلومات (المكتسبة من خلال التعلم أو المقترحة في شكل وثائق) أوالمهمة أو ظروف إنجازها والمعايير التي ستعتمد في تقويم إنتاج التلاميذ. وغالبا ماتتم الإشارة لهذه الوسائط أو لبعضها عند صياغة الكفاية، وذلك لإتاحة الفرصةللفاعلين التربويين لإعداد وضعيات-مسائل مرتبطة بكفاية ما.
تطبيق 2 :
اختر كفاية من بين الكفايات التي اقترحتها فيالتطبيق 1،
* انطلاقا من التوجهات التربوية العامة (الكتاب الأبيض)، استخرجأهم المعاملات التي تمكن من تحديد فئة الوضعيات-المشكلة المرتبطة بهذهالكفاية.
* صغ مثالين لوضعيات-مشكلة يتعلقان بهذهالكفاية.
2.2 القدرة Capacité
1.2.2 مفهوم القدرة :
يعرف ميريوالقدرة كالتالي : " ... نشاط دهني مستقر وقابل للتطبيق في مجالات مختلفة؛ وتستعمللفظة القدرة كمرادف للمهارة. ولا توجد أي قدرة في الحالة المطلقة، كما أن القدرة لاتتمظهر إلا من خلال تطبيقها على محتوى".
ومن الأمثلة على القدرات: التصنيف والتحليل والتركيب والتمثيل,,,, فقدرة التحليل مثلا، لا تتجسد إلا من خلالتطبيقها على محتوى دراسي، كتحليل قياسات، أو تحليل تمثيل مبياني، أو تحليل نص، أوتحليل صورة، أو تحليل خريطة....
وإذا كانت جل القدرات التي تتمتنميتها في التعليم قدرات عقلية، فإن ذلك لا يجب أن ينسينا قدرات أخرى كالقدراتالحس- حركية والقدرات السوسيو وجدانية. وفيما يلي أمثلة لبعض القدرات المتداولة حسبالمجالات الثلاثة للشخصية :
· قراءة، تلخيص، تصنيف، مقارنة، جمع،نقد، تركيب (أفكار)، ... وهي قدرات معرفية. وقد وضعت لهذه القدرات عدة صنافات، منأهمها صنافة بلوم وصنافة داينو.
· تمثيل، تلوين، مزج، تركيب (عدة تجريبية)، ... وهي قدرات حس – حركية. ومن الصنافات الخاصة بهذا المجال من القدرات، نذكر صنافةسيمبسون وصنافة هارو.
· إنصات، تعبير، ربط علاقة، ... وهي قدراتسوسيووجدانية. وتعتبر صنافة كراثوول أو صنافة داينو من أهم الصنافات المتعلقة بهذهالقدرات.
2.2.2 مميزات القدرة :
إنالقدرة بهذا المفهوم، تكتسب وتتطور من خلال ممارستها على محتويات ومضامين موادمختلفة. فهي إذن :
· مستعرضة : إذ تكتسب من خلال عدة مواد، بدرجاتمختلفة.
· قابلة للتطوير : لا تقتصر تنميتها على التعلم النظامي فقط، وإنماتتم خلال الحياة ككل. فقدرة الملاحظة تبدأ عند الرضيع، وتتطور خلال الحياة، لتصبحأكثر دقة وأكثر سرعة.
· قابلة للتحويل : يتم تطوير القدرة من خلال وضعيات،فتتفاعل هذه القدرة مع قدرات أخرى، وينتج عن ذلك التفاعل قدرات جديدة. فالقراءةوالكتابة والتصنيف مثلا، قدرات تتفاعل فيما بينها فتفرز قدرات أخرى كالتمييز وأخذالنقط والحوار وتنظيم العمل...
· غير قابلة للتقويم : يتم تقويم ممارستهاعلى محتويات معينة، وفي وضعيات خاصة.
وكما تمت الإشارة إلى ذلكسابقا، تعتبر الكفاية المستعرضة قدرة عامة. فاتباع النهج العلمي مثلا، قدرة يمكنتنميتها من خلال قدرات أخرى قابلة للتطوير عبر مراحل تعليمية متعددة، ومن خلال كلالمواد الدراسية.
ويقترح داينو على سبيل المثال خمس قدرات أساسيةلاتباع النهج العلمي :
· وضع تساؤلات، تنمية الفضول (poser des questions, être curieux).
· البحث عن المعلومات(chercher des informations).
· معالجة المعلومات(traiter des informations).
· الإخباربالمعلومات(communiquer des informations).
· القيام بفعل معين، إنجاز مشروع (agir, réaliser un projet) .
تطبيق 3 :
انطلاقا من الكفاية والوضعيتين-المشكلة المتعلقتين بهما ضمن التطبيق 2،وباعتبار برنامج المادة (أو جزء البرنامج) المتعلق بالكفاية، اجرد أهم القدرات التييمكن اعتبارها ضرورية لتنمية الكفاية.
3.2 الهدف التعلمي Objectif d’apprentissage
الهدف التعلمي هو ممارسة قدرة على محتوى معين، يعتبر موضوعتعلم. فقدرة الكتابة مثلا وقانون ما كموضوع تعلم يمكنان من الحصول على الهدف التالي : كتابة قانون كذا. ويوافق هذا التعبير مرقى الهدف الخاص المعتمد في إطار التدريسبالأهداف. ويبقى من مهمة الأستاذ العمل على أجرأته، لضبط وتقويم وتوجيه كل منأنشطته، باعتباره منشطا ووسيطا، وأنشطة التلاميذ باعتبارهم فاعلين أساسيين فيالعملية التعليمة-التعلمية.
ويتم تصنيف الأهداف الخاصة إلى معارفومهارات ومواقف، تبعا لطبيعة القدرة :
1. المعارف(savoirs) : وتتمثل بالنسبة لمادةما، في ممارسة القدرات المعرفية على موضوع ما للتعلم.
2. المهارات (savoir-faire): وتتمثل في تطبيق قدرة حس – حركية على موضوع للتعلم. ويتم تطويرهامن خلال التمرن على تنمية مراحلها في مواضيع تعلم مختلفة. وتتمثل أهمية تنويعمواضيع التعلم في تمييز المهارة عن المعرفة.
3. المواقفوالاتجاهات/حسن التواجد (savoir-être): ويمكن الحصول عليها بتطبيق قدرةسوسيووجدانية على موضوع تعلم، كالإنصات إلى اقتراحات النظراء، والتعود على تصفحالمنجد للبحث عن معنى كلمة.
3 تنميةوتطوير الكفايات
يمكن تنمية كفاية وتطويرها وفق مسارين: مساريعتبر مراحل الكفاية وهي عبارة عن مستويات متدرجة. ومسار يعتمد جدولالتخصيص.
1.3 مفهوم مرحلة كفاية palier d'une compétence
تتحدد مرحلة للكفاية من خلال المستويات البينيةللمضامين، وللأنشطة، وللوضعيات التي تمارس فيها الكفاية. ولتوضيح ذلك، يمكن تقديمالمثال التالي :
الكفاية المستهدفة : اقتراح حلول ناجعة لمشاكلبيئية، انطلاقا من وضعية معيشة أو من وثائق تبرز خطورة تلوث الهواء.
· المرحلة 1 : اقتراح حلول ناجعة لمشاكل بيئية، انطلاقا من وثائق تبرز خطورة تلوثالهواء. (تم الاقتصار على نوع محدد من المعطيات التي ستتضمنها الوضعية-المشكلة. ويمكن تحديد عدد وطبيعة هذه الوثائق : نصوص، صور، معطيات إحصائية،الخ...).
· المرحلة 2 : اقتراح خطة عمل للتحسيس بمشكل بيئي، انطلاقا منوضعية معيشة أو من وثائق تبرز خطورة تلوث الهواء. (تم الاقتصار بالنسبة للمهمة، علىاقتراح حل واحد).
و يقتصر في صياغة مراحل كفاية على تغيير مكوناتالوضعيات المرتبطة بها، وتعقيد المهام المطلوبة تدريجيا. ويتم ذلك من خلال الزيادةفي عدد العمليات، أو عدد أو نوع المعطيات، أو مجال المهام المطلوبة، أو حجم الإنتاجالمرتقب، الخ...
2.3 جدول التخصيص
يتكون جدول التخصيص (table de spécification) من مدخلين :
· مدخل القدرات الضرورية لتنمية الكفاية. ويتضمن الكتاب الأبيض (الجزء 1) القدرات الضرورية لتنمية مختلف الكفايات المستهدفة (ذات الطابع التواصلي أو المنهجيأو الاستراتيجي...).
· مدخل مضامين المادة الدراسية، والتي ستمارس عليها هذهالقدرات.
وبما أن الهدف يتمثل في تطبيق قدرة ما على محتوى معين، فإنخانات جدول التخصيص تتضمن مختلف الأهداف التي توجه الممارسات البيداغوجية، وتشكلالموارد الضرورية التي يتم إدماجها في إطار تنمية الكفاية أو تقويمها.
تقييم: