الاسم: المصطفى زوبير الصفة: التدريس مسجل يوم: 2010-09-15 مجموع النقط: 12.6 |
بعد دقائق معدودات وصلنا الى الشاطئ، سار بنا السائق على مهل ، بدأ التلاميد يتطلعون باعناقهم الى الافق، ليتعرفوا على حدود البحر الجغرافية ، فلم يجدوا الا السماء محيطة به من كل جانب، الا من جهته الشرقية، اذ ذاك استيقنوا ان هذا فوق كل ما كانوا يتصورون، فصاحوا جميعا بنبرة خافتة يخالطها الخوف والشوق معا:
انزلنا هنا يا استاذ .
استغللت ترددهم فاجبتهم ان برنامج الرحلة كان تقديم زيارة الميناء والمآتر العمرانية على السباحة، لم يعترض احد ، ربما لانهم ارادوا الاستأناس بالمكان اولا ، او ربما خافوا ان خالفوا التعليمات ان يحرموا من رحلة اخرى قادمة ان شاء الله.
وصلنا الى الميناء فزادت دهشتهم عندما شاهدوا السفن بحجمها الحقيقي، فهي اكبر من الكتاب والتلفاز الذي شاهدوا فيه السفينة لاول مرة ، بل اكبر حتى من قسمهم الذي يدرسون فيه ، وحافلتهم التي قدموا على مثنها ،لم اتمكن من اخبارهم ان هناك سفنا اكبر حتى من هذا الميناء نفسه ،فقد خفت ان حدثتهم بامر كهذا ربما قد تتزعزع مصداقيتي عندهم، وهذا مالا يحمد عقباه ، طفنا في ممرات الميناء جميعها ثم توجهنا الى سقالة مرورا بدروب المدينة ،اعجب التلاميذ بكل شيء حتى اضحت الدهشة امرا ملازما لكل نظرة .
صعدنا الى سقالة فاعحبوا بها اشد الاعجاب ، لكن سرعان ما عاد الحنين للبحر و للسباحة لدى الاطفال،فالحوا علي بالرجوع ، لبيت طلبهم رغم اننا لم نشاهد بعض معالم المدينة العتيقة سوى ما كان في الطريق الى سقالة، وقفلنا راجعين الى الشاطئ.
فما ان اقتربنا حتى بدات الثياب تنتزع وكانها لاصقة باجسامهم تخبرهم انها هي الاخرى تريد ان تدوق طعم السباحة، حذرتهم قائلا:
اياكم ان تبالغوا في الدخول .
سمعني القليل منهم، اما الاخرون فلم تسمح لهم ارجلهم بالانتظار طويلا حتى يسمعوا التعليمات، فتسابقوا جميعا الى الماء، ركضت خلفهم خوفا عليهم من الغرق، لكن ما ان وصلوا الى الماء حتى انتصر الخوف والبرد على الشوق ، فوقفوا يسبحون حيث الماء يصل الى سيقانهم فقط، تركتهم على حالهم دون خوف بعد ان اطماننت عليهم ورجعت لاحضار الكرة ، هيات الملعب، فبداوا يفدون الي الواحد تلو الاخر،حتى المدير نفسه لم يخف تفاعله مع الموقف ، فاهتزت فرائسه وحن هو الاخر لماضيه البعيد ، ماضي الطفولة والالعاب والبحر، وانضم مع الاخرين،
اكتمل الفريقان في ضرف وجيز، قمنا بمبارة شيقة للغاية احس التلاميذ معها بحرارة في اجسامهم الصغيرة ،فعادوا مندفعين الى الماء من جديد ، سبحت معهم هذه المرة ، امضينا وقتا ممتعا ،احسسنا فيه بمتعة الحياة وبهجتها.
لم يمض وقت طويل حتى سمعنا صوت المدير ينادينا لتناول وجبة الغداء ، تظاهرنا بعدم سماع الصوت في المرة الاولى ، ولما اصر على ذلك اجابه بعض التلاميذ بانهم لم يشعروا بشيء سوى بمتعة السباحة ، وعادوا يغطسون تارة ويطفون اخرى حتى احسوا بالجوع الشديد يقطع امعاءهم ، اتصلنا بالسائق لاحضار الغداء من الحافلة، فاقترح علينا ان لانتغدى الا في الغابة تحت اشجار اركان ،اعجبتنا فكرته فاحضرنا للتلاميد بعض الما كولا ت الخفيفة ليسدوا بها جوعهم، و لتعطى لهم فرصة اكبر للسباحة ، فعلا كانت الفكرة جيدة استمتع الاطفال من خلالها بالبحر مدة اطول حتى جاعوا من جديد، لبسنا ملابسنا وتوجهنا الى الحافلة في الثالثة والنصف،و انطلق بنا السائق الى المكان المعهود ، تغدينا وشربنا المشروبات ، وصلينا ثم قفلنا رجعين الى مراكش.